دار جميلة مشهورة، بناها في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي على صخره عظيمة مرتفعه على سطح (وادي ظهر) وزير المنصور على (ت 3221هـ/ 8081م) العالم الشاعر علي بن علي صالح العماري (ت 1223هـ/1798م) الذي كان متفرداً بعلم الهندسه وكان مهندساً معمارياً صمم للمنصور وغيره كثيراً من البيوت والقصور التي كان منها (دارالحجر) ، وقد بقيت الدار شامخة على مر العصور، وهي من املاك الدولة.
| هذه الصورة تم تصغيرها تلقائياً. اضغط على هذا الشريط لعرض الصورة بكامل حجمها. أبعاد الصورة الأصلية 580x390 وحجمها 30 كيلو بايت. |
وقد أضاف في البناء وعمر مفرجها الحالي الامام يحيى حميد الدين، وهي الآن مركز سياحي تابع لمؤسسة السياحة.
ويتميز دار الحجر باختلاف واجهاته الأربع، وتعدد المناظر البديعة المحيطة بالدار، والتي تشاهد من نوافذ الغرف والشرفات. حيث يظهر من كل نافذة أو شرفة منظر مغاير للوادي المطلة عليه.
الدار من الداخل يتكون من جناح خاص بالاستقبال في الدور الأول، ويتكون من صالة رحبة وعدد من الغرف الملحقة، وفى الدور الثاني الذي يتم الصعود إليه عبر سلم يبدو منحوتاً في الصخرة المبني عليها الدار، وتوجد ردهة تفضي إلى رواق مكشوف خارج الجسم الأساسي للدار, ولكنه متصل به في ذات الوقت، وهذا الرواق منحوت على حافة الصخرة، ليقود إلى كهوف منحوتة في الجانب الغربي منها، كانت تستخدم قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة كمدافن للموتى الذين كان يتم تحنيطهم في ذلك الوقت.
| هذه الصورة تم تصغيرها تلقائياً. اضغط على هذا الشريط لعرض الصورة بكامل حجمها. أبعاد الصورة الأصلية 477x384 وحجمها 20 كيلو بايت. |
ولكن هذه الكهوف تحولت، في عهد الإمام يحي حميد الدين الذي حكم اليمن هو وأبناؤه ابتداء من 1928م وحتى قيام الثورة اليمنية عام 1962م إلى أبراج مراقبة للحراسة الخاصة به، وهذا الجزء هو من بقايا القصر السبئي القديم.
ومن عجائب القصر السبئي القديم الذي يعد جزءاً من الدار، وجود بئر مخروطية كانت تؤمن احتياجات القصر من المياه, وقد شقت هذه البئر المكونة من قناتين في قلب الصخرة، حتى الوصول إلى باطن الأرض حيث توجد المياه السطحية.
طول قناة البئر التي كانت تستخدم لسحب المياه 180مترا، أما القناة الثانية وكانت خاصة بالتهوية فطولها 150 مترا فقط، وهي ذات مسار معوج، الأمر الذي جعلها تلتقي بقناة المياه بعد ما يقرب من 50 مترا.
وللصعود إلى الدورين الثالث والرابع يوجد سلمان، أحدهما يقود إلى جناح النساء، والآخر إلى جناح الرجال، وفي منتصف السلم الخاص بالنساء توجد غرفة صغيرة مخصصة لـ"الدويدار"، وهو لفظ تركي يطلق على الخادم الصغير الذي لم يتجاوز سنه خمسة عشر عاما، ويقوم بمهمة الخدمة وجلب الاحتياجات المتعلقة بالنساء، نظرا لأنه لم يكن يسمح لأي شخص من الحراسة بتجاوز ذلك "الدويدار" إلى الأعلى أو رؤية نساء القصر.
وفي الدور الثالث يوجد جناح خاص بوالدة الإمام، وقسم آخر خاص بسكن الجواري والخادمات، وفي هذا القسم يوجد المطبخ ومطاحن الحبوب المكونة من الأحجار "الرحى"، ومن سكن الجواري يوجد ممر يفضي إلى شرفة واسعة في الجانب الشرقي، تسمى "المصبانة"، وهي المكان المخصص لغسل الملابس ونشرها، وبالقرب من هذه الشرفة بركة صغيرة، تتجمع فيها مياه الأمطار لتستخدم في الغسيل.
وينقسم الدور الرابع إلى قسمين، أحدهما خصص كجناح لولي العهد، الذي كان بمثابة وزير للمالية، إلى جانب ولاية العهد، وفي هذا القسم غرفة واسعة ومربعة الشكل وبداخلها خزنة في جسم الغرفة وتبدأ فتحتها من منتصف الجدار، ويتم الصعود إليها بواسطة سلم خشبي مبتكر، مكون من درجتين فقط، تسحبان إلى الخارج عند الصعود إلى الخزنة، ثم تغوصان في عمق الجدار لتكونا مخفيتين.
وفي الجانب الآخر من الدور الرابع، يوجد عدد من الغرف اثنتان منها لزوجتين من زوجات الإمام الأربع، ومجلس نسائي شتوي، وضعت على نوافذه المشربيات الخشبية التي تسمح بالرؤية من الداخل وتحجبها من الخارج.
الدور الخامس أيضا ينقسم إلى قسمين، أحدهما نسائي وفيه غرفتا الزوجتين الأخريين للإمام، وغرفة جلوس وملحقاتهما، علاوة على "المدفن" وهو المكان المخصص لخزن الحبوب، وهو أشبه بالبئر غير أن قطره أوسع وأقل ارتفاعا، حيث أنه لا يزيد عن سبعة أمتار، ويربط بين الدورين الخامس والرابع.
أما الجانب الآخر فهو عبارة عن صالة وسلم يؤدي إلى الدور السادس مباشرة، حيث يوجد الجناح الخاص بالإمام يحيى، ويتكون من غرفتين إحداهما مخصصة للمقيل مع عدد محدود من مقربيه، وهي مطلة على الجهتين الشرقية والشمالية، لتوفر جوا باردا أثناء الصيف، والغرفة الأخرى شمالية أيضا، ولكنها صغيرة وتسمى "الكـُمَّة" وهي الغرفة التي لا يدخلها أحد غير الإمام، الذي كان يختلي بنفسه فيها للقراءة والعبادة، ويحتفظ فيها بأوراقه الهامة، وفي الجانب المقابل لجناح الإمام، يوجد المقيل الشتوي، وهو عبارة عن مجلس واسع بملحقاته، وشرفة خاصة بالحمام الزاجل، الذي كان يستخدم في المراسلات.
ويتكون الدور السابع من مجلس شتوي واسع، تم استحداثه بعد قيام الثورة اليمنية، وكان قبلها عبارة عن مطبخ مع ملحقاته، وأسطح مكشوفة ومسيجة بالجسم الخارجي لبناء الدار، في شكل نوافذ بيضاوية الشكل، بعض هذه الأسطح مخصصة لإطلالة النساء، ولا تسمح بالرؤية من الخارج، والبعض الآخر مخصص للرجال.
وتتوزع في زوايا عدة من دار الحجر الثلاجات الطبيعية المخصصة كأماكن لوضع الأواني الفخارية التي كانت تملأ بالمياه بغرض تبريدها، كون هذه الثلاجات تسمح بمرور الهواء عبرها من ثلاثة اتجاهات، في حين يغلق الجانب المتصل بالداخل في شكل نافذة.
وفي باحة القصر الواسعة، يوجد جناح استقبال خارجي، يطلق علية اسم "الشذروان"، وهو مبنى منفصل عن القصر، ويتكون من مقيل صيفي له ساحة مسيجة بنوافذ خشبية افتراضية، وبها ثلاث نافورات للمياه, وخلفه يوجد المطعم الرئيسي وغرف الطبخ، وفي مواجهته مبنى الإدارة ومقر المحكمة وحمام بخاري تركي، ويوجد خارج أسوار الدار مسجد بناه الإمام ومنازل حاشيته وحرسه.
إن دار الحجر يعد واحداً من المآثر المعمارية العظيمة، بفعل مكوناته التي تجمع كل احتياجات سكانه، وتجعلهم يعيشون فيه لسنوات دون أن يحتاجوا للخروج منه، فالمياه متوفرة فيه، ومخازن الحبوب. ويستطيع سكانه أن يراقبوا منه كل مداخل ومخارج المنطقة، وهي الجوانب التي عادة ما تحتاجها الأسر الحاكمة لتأمن غدر الأعداء، وفي ذات الوقت البقاء داخل هذا الدار لفترة طويلة في أوقات الحصار والحروب.