الحصار الإسرائيلي يوقف هدير مصانع غزة ويصيبها بالشلل

يقف عاهد مهدي المسئول في مصنع "مكة كولا" للمشروبات الغازية في قطاع غزة لا حول له ولا قوة فيما مصنعه الذي يعد مصدر الدخل الوحيد لعشرات الأسر من العمال والإداريين مصابا بالشلل التام بعد أكثر من عام من الحصار والإغلاق الإسرائيلي الخانق.

ورغم أنه يمثل ذروة موسمه الإنتاجي، يراقب مهدي بمرارة واستياء بالغين شهور موسم الصيف وهي تنقضي بتكبده المزيد من الخسائر الباهظة، فيما يضطر لتسريح المزيد من العمال بعد توقف عجلة الإنتاج وانقطاع هدير الآلات التي أصابها الركود وغطاها الغبار.

ومصنع "مكة كولا" هو واحد من بين مئات المصانع التي توقفت عن العمل، حيث بدا شبه خالٍ إلا من عدد قليل من العمال. يقول "عجلة الإنتاج توقفت منذ أسابيع بسبب نفاذ مادة (co2) الصودا، وبالتالي نحن نتكبد الخسائر فقط وقد أضطررنا لتسريح عمالنا بانتظار أي مخرج للأزمة".

وأُجبرت الغالبية العظمي من مصانع قطاع غزة إلى التوقف عن العمل في ظل خسائر كبيرة لحقت بها جراء عدم السماح بدخول المواد الخام اللازمة لتشغيلها من جهة وعدم السماح بخروج المنتجات للتصدير من جهة أخرى.

وانضم 60 ألف عامل في قطاع غزة الذي يئن تحت وطأة الحصار والإغلاق إلى صفوف البطالة المستشرية في القطاع. فيما يناضل عدد قليل من أصحاب المصانع ممن تبقى على رأس عملهم للاستمرار والعمل ولو بأدنى طاقتها الإنتاجية.

خسائر متلاحقة

وقدر مهدي خسائر المصنع من 5 آلاف دولار إلى 10آلاف يوميا في فترة إغلاق المعابر، موضحاً أن البضائع من المواد الخام التابعة للشركة والموجودة على المعبر تقدر بـمليون شيقل لكنهم عاجزين عن إدخالها.

وشددت إسرائيل من حصارها المحكم على قطاع غزة الذي يعاني سكانه من ارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة، بعد سيطرة حركة حماس على الأوضاع فيه.

وكانت إسرائيل أبقت على سيطرتها على المجال الجوي والمياه الإقليمية للقطاع كما على تجارة البضائع. وهي تراقب أيضا حركة انتقال السكان من قطاع غزة واليه. ما يعني الحكم على القطاع بالعزل الكامل إن أرادت.

وتشير الأرقام الرسمية الفلسطينية إلى أن أكثر من نصف سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر, و45% على الأقل من اليد العاملة عاطلة عن العمل. كما يعاني سكانه من الحصار المالي الدولي المفروض على الفلسطينيين منذ وصول حماس إلى السلطة.

ويحذر مختصون من أن استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة ينذر بعواقب وخيمة وخسائر فادحة لقطاع الصناعة الفلسطيني الذي يشكل مصدر دخل مهم للاقتصاد الفلسطيني.

يقول علي السنوار صاحب مصنع لقطع التركيب الحديدية: "لا يوجد مواد خام ولا تصدير في غزة، وإذا استمر الحال على ذلك سيتم إغلاق المصنع"، مؤكداً أن الخسائر التي تعرض لها المصنع تقدر بـ70%.

3 ايام عمل شهريا!!

وأشار السنوار إلى أن العمل في مصنعه كان 12 ساعة في اليوم، أما الآن فالعمل في المصنع يكون 3 أيام في الشهر، لافتاً إلى أن آخر مرة تم إيصال فيها بضائع إلى الضفة كانت في شهر 12/2006، والآن الإنتاج توقف ولا يوجد أية عقود بين الضفة وغزة بسبب الاغلاقات.

وناشد السنوار المسئولين عن المعبر والجهات المختصة والدولية بإعادة فتح المعبر لتسيير حركة التجارة والصناعة في قطاع غزة، فيما يتوقع استمرار الأزمة في ظل الإصرار الإسرائيلي على المضي بحصار القطاع.

وفي هذا السياق، ذكر تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" التابع للأمم المتحدة إن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ سيطرة 14 يونيو- حزيران الماضي تسبب بإغلاق 85% من المصانع العاملة بغزة.

والسبب حسب التقرير الدولي هو عدم توفر مستلزمات الإنتاج والمواد الخام نظراً لإغلاق المعابر، مما اضطرها للاستغناء عن العاملين لديها البالغ عددهم 70 ألف عامل.

وأضاف التقرير، أن الحصار الإسرائيلي الحق خسارة فادحة باقتصاد غزة بلغت عشرات ملايين الدولارات، مبيناً أن توقف استيراد المواد الخام عبر معبر المنطار المغلق تسبب بخسائر بلغت 160 مليون دولار. وأوضح التقرير أن نصف العمال الذين تم الاستغناء عنهم والبالغ عددهم 35 ألفاً كانوا يعملون في قطاعات البناء والتجارة والخدمات العامة.

الانهيار التام قادم

وفي السياق، حذر ناصر الحلو المتحدث باسم لجنة إدارة أزمة المعابر والحدود من انهيار الاقتصاد الفلسطيني في حال لم يتم رفع الإغلاق عن غزة فوراً، ما يعني إضافة عشرات الآلاف من الفلسطينيين لأعداد العاطلين عن العمل".

ولفت الحلو إلى تزايد أعداد البطالة في غزة خلال الشهر الأخير إلى 68 ألف شخص. وأكد على عدم إمكانية وجود اقتصاد منتج في غزة بدون فتح معبر المنطار "كارني"، حيث أن 95% من الصناعات في غزة تعتمد على مواد خام مستوردة من الخارج، وأن هذه المواد لا يمكنها الدخول للقطاع إلا عن طريق هذا المعبر، وكذلك الحال بالنسبة للصادرات.

من جهته، طالب زياد الظاظا وزير الاقتصاد في حكومة غزة، المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإغاثية بتدخل عاجل وفوري لإنهاء أزمة قطاع غزة الناتجة عن الحصار والإغلاق الإسرائيلي، منذراً بنتائج إنسانية خطيرة.

وقال الظاظا في تصريحات خاصة لـ"إنسان اون لاين": "إن المشكلة الفلسطينية في إغلاق معابر غزة لا تكمن في نقص القمح أو الدواء أو منع المواطنين من الدخول أو الخروج فحسب، إنما المشكلة الأساسية تكمن في أن حربا اقتصادية بكل معنى الكلمة تشن ضد قطاع غزة عقب سيطرة حركة حماس عليه".

وأوضح أن إغلاق المعابر أدى إلى منع إدخال المواد الخام التي تشغل المصانع، وأوقفت دخول مواد البناء ما أدى إلى توقف كل المشاريع التنموية والبنائية والعمرانية، منوها إلى أن هذا الأمر أحال أكثر من 37 ألف عامل فلسطيني للانضمام لقافلة البطالة والعاطلين.

وذكر الظاظا أن السلطات الإسرائيلية لم تلتزم حتى اللحظة بفتح معابر قطاع غزة بموجب اتفاق التهدئة وإعادة إدخال البضائع والمواد الخام وفق معدلاتها السابقة ما يعني استمرار حالة الشلل الكاملة في اقتصاد غزة وتحديدا مصانعها.

مشكوووووور بارك الله فيك

» غزة .. من يوقف المحرقة؟ Gaza Holocaust
» غزة تحت الحصار
» وحدهم أهل غزة يدفعون ثمن الجحيم الإسرائيلي