"أيها العالم المتحضر.. أليست هذه همجية؟!"

غزة - "جاءت طائرة الموت".. هكذا همست "منى" لشقيقتها وهي تنصت بخوف لطائرات الـ"إف16" الحربية.. وضعت أصابعها في آذانها خوفا من القصف الليلي المُخيف.. وفجأة هبط الانفجار العنيف لتعقبه الأخبار العاجلة: "تم قصف مبنى المختبرات في الجامعة الإسلامية" أكبر وأقدم جامعات قطاع غزة المكلوم.
"منى" طالبة الهندسة أمام حروف هذا النبأ لم تتمالك نفسها، وأخذت تصرخ دونما وعي: "بحث تخرجي.. اااالبحث".. والدها الذي احتضن دموعها وحزنها حاول أن يُخفف من صدمتها، لكنه فشل في ترتيب برقية مواساة لتعزيتها بانهيار هذا الصرح العلمي الكبير.

مئات الطلبة كما "منى" استقبلوا الخبر بصرخات الذهول والفاجعة، وغلّف قلوبهم الوجع أمام انهيار أحلامهم وتعب أيامهم.. بصوتٍ دامع تقول هبة السقا الطالبة في كلية الهندسة: "بعد خمس سنوات من الدراسة والكفاح أنجزت مشروع التخرج.. وكنت أخشى عليه كخوف الأم على رضيعها، وهكذا يذهب بلمحة عين.. مُستحيل!".

واستهدفت غارة إسرائيلية عنيفة الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، أمس الإثنين في ثالث أيام حرب "كسر الإرادة" ضد المقاومة الفلسطينية، وقصفت الطائرات الحربية مباني وكليات الجامعة؛ ما أدى إلى تدمير مبنيين بشكل كلي، وإحداث خراب واسع في 6 مبان أخرى.

وتضم الجامعة التي تأسست عام 1978 أكثر من 16 ألف طالب وطالبة، وهي مؤسسة أكاديمية أهلية تعمل تحت إشراف وزارة التربية والتعليم العالي، وهي عضوة في اتحاد الجامعات العربية، ورابطة الجامعات الإسلامية، والاتحاد الدولي للجامعات، وتربطها علاقات تعاون بالكثير من الجامعات العربية والأجنبية.

الهندسة تحت الركام

طالب كلية العلوم "أنس" بدا متألما أمام توالي صور قصف الجامعة على شاشة التلفاز، وبغضبٍ كبير تساءل صارخا: "هل صار الكتاب صاروخا.. والأقلام مدافع.. لماذا يستهدفون الجامعة، وبأي ذنب يقصفون أبحاثنا وتعب السنين.. أليست هذه همجية أيها العالم المتحضر؟!".

إدارة الجامعة الإسلامية من جانبها دعت المؤسسات الحقوقية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" واتحادات وروابط التعليم العالي الدولية والإقليمية والإسلامية إلى وقف اعتداءات الاحتلال على غزة.

وشددت إدارة الجامعة على حرمة المؤسسات التعليمية واستقلاليتها، مطالبة بمحاسبة الاحتلال على انتهاكه لتلك الحرمة من خلال قصف مبان في الجامعة فجر أمس الإثنين.

واستعرض بيان وصل "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه أضرار قصف الاحتلال لمباني الجامعة، مبينا أنه تم تدمير مبنى المختبرات العلمية بشكل كامل، إضافة إلى مختبرات تتعلق بالدراسات البيئية والريفية وفحص المياه والتربة، والتي تخدم المساقات الأكاديمية النظرية لطلبة البكالوريوس والباحثين من طلبة الدراسات العليا في كلية العلوم.

كما دمر الاحتلال مبنى الهندسة وتكنولوجيا المعلومات بشكل كامل، ومراسم كلية الهندسة ومركزا لعمارة التراث الفلسطيني والمختبرات الدراسية للكهرباء والحاسوب والأبحاث الدراسية التي تخدم المساقات النظرية بالجامعة.

مدرستي.. كيف أنت؟

أمطار النيران وصواريخ الموت الإسرائيلية لم تقتصر فقط على الجامعة الإسلامية، بل تسببت في تشوهات كبيرة وبالغة الخطورة في جسد القطاع التعليمي؛ إذ ألحقت الهجمات المُتتالية والضخمة على غزة أضرارا أدت إلى سقوط أجزاء كبيرة من مباني العشرات من مدارس القطاع، وتصدع المئات منها، وتطاير زجاج مرافقها.

ولا يُعرف بعد بالتحديد عدد المدارس المتضرر؛ لأن وزارة التربية والتعليم أعلنت منذ بدء المحرقة الإسرائيلية الجديدة السبت الماضي إغلاق المدارس والجامعات حتى إشعار آخر.

وفي أول يوم بدأت تتساقط فيه حمم الموت كان طلبة القطاع يجلسون بكل اطمئنان على مقاعدهم الدراسية، وأناملهم تخط إجابات أولى اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول.

"سهام رجب" مُديرة مدرسة الزهراء الثانوية للبنات قالت لـ"إسلام أون لاين.نت": "لا أدري الآن ما شكل المدرسة، وهي تقع بقرب أحد المراكز الأمنية التي تم قصفها.. الوضع صعب للغاية.. والتعليم مُعطل الآن.. ذهن الطلبة تشتت، وكل استعداداتهم للامتحانات النهائية تبخرت مع هول ما تتعرض له غزة".

وأشارت المديرة إلى أن الامتحانات تأجلت إلى أن تتمكن المدينة الجريحة من التقاط أنفاسها، واستدركت بألم: "وبأي نفسية تراهم سيأتون وهم أبناء وأشقاء وأقارب الشهداء؟! نحن أمام مرحلة أقل ما تُوصف به أنها عصيبة".

"أنسى اسمي"

عدي، الطالب في الصف السابع قال لأمه بعد أن عاد من جنازة تشييع أبناء خاله الشهداء: "لا تتوقعي مني أن أحصل على المركز الأول.. أنا على وشك أن أنسى اسمي"، ورفضت والدته كالعادة مُجادلته وعلّقت بأسف: "حقا لا أدري كيف سيدخلون قاعات الامتحانات بعد هذا الرعب والخوف".

وليس ببعيد عنه أخذ أحمد الطالب بالثانوية العامة "التوجيهي" يبكي لساعاتٍ بعد فشله في انتشال ولو ورقة من منهجه الدراسي.. فكتبه وما خطه من استعداد لهذا العام أضحى رُكاما و"شظايا" تحت أنقاض منزله الذي باغتته صواريخ الحرب.

صديقه "أنس" الذي كان يُواسيه قال لـ"إسلام أون لاين.نت": "القلق ينتابنا بشدة.. ولا ندري كيف سنواصل عامنا الدراسي في ظل هذه الظروف.. إسرائيل تتعمد اغتيال التعليم وكل ما يمت له بصلة.. تريد تجهيلنا وتعكير صفونا وقتل راحتنا النفسية".

وفي ظل هذه الأجواء الحارقة أعربت مؤسسات حقوقية عن بالغ قلقها من تدني مستوى تحصيل طلبة غزة لهذا الفصل، وقالت إن الاحتلال يتعمد تخريب البنية التحتية للقطاع التعليمي من خلال استهداف الجامعات والمدارس.

وبدا الطالب سعيد مهنا شارد الذهن، لا يدري ما ستحمله الأيام القليلة القادمة، وتمتم بوجع: " كل شيء استباحوه في غزة".

بدورها، حذرت وزارة التربية والتعليم في غزة من مخاطر تأثير القصف وتسلل صواريخه إلى المسيرة التعليمية في القطاع، وحملت الاحتلال والعالم المسئولية عما لحق ويلحق بهذه المسيرة.

وقالت الوزارة في بيان وصلت "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه: إن القصف الوحشي أوصل العملية التعليمية إلى "حد الكارثة".

ودعت المؤسسات الحقوقية والتعليمية الدولية للتدخل لإنقاذ طلبة غزة، وانتشال[img][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» "سيرجيو أغويرو" يختار فريق "الأحلام" : "ملك الوسط" In .. وخصمه الأكبر "ميسي" Out !!!
» في زيارته لـ "برشلونه" : "ريفالدو" يلتقي برفاق الأمس .. والـ "Boss" ينال حصة الأسد !!
» "يا للجنون" : "مانشستر سيتي يقدم عرضاً مجنونا لتوريه .. وبوادر موافقه تلوح في الافق"!